مع السعي الحثيث من جموع المتداولين لتبني مهارات استثمارية تخدم أسلوب كل متداول وخطته المالية، تبدو جميع الأساليب بحاجة إلى محللين ماليين أو رياديين محترفين لتحقيق أقصى استفادة من النهج المتبع وقراءة السوق جيدًا، مع التداول الكمي ما أنت بحاجة إليه فعلًا هو أن تكون مُلِمًا بالتطبيقات المحوسبة وعلم الرياضيات معًا، ولتقريب الفكرة أكثر فإن التداول الكمي يعمل بطريقة شبيهة لفكرة الذكاء الاصطناعي فكلاهما بأساس ذا مصفوفات رياضية ونماذج تقنية متطورة قد تكون بسيطة أو معقدة لتحليل المعلومات وهو تخطي فعلي للتحليل الفني والأساسي بالمعنى الكلاسيكي لهما، لأنه يمزج بين تحليل البيانات والحسابات الرياضية بالأرقام، ففيه يتم تنفيذ معادلات حسابية معقدة وتقنيات برمجية دقيقة لمعالجة الأصول المالية والتعرف على فرص رابحة للتداول. في مقالنا هذا أعددنا لك دليلًا لتوضيح جميع المعلومات التي تحتاجها حول التداول الكمي، رافقنا حتى النهاية.
ما هو التداول الكمي؟
في واقع الأمر فإن التداول الكمي يتكوّن من استراتيجيات تداول ترتكز في عمقها على التحليل الكمي للبيانات، والذي يستند إلى تحليل الأرقام والبيانات رياضيًا وتقديم إحصائيات لتحديد فرص التداول، وهنا يكون السعر وحجم التداول من أكثر البيانات المُستخدمة في التحليل الكمي، حيث يتم الاعتماد على كليهما كأساس للمعادلات الرياضية.
بطبيعة الحال فإن المؤسسات المالية وصناديق التحوط هي من تستخدم التداول الكمي عادةً، لأن المعاملات البيانية تكون ضخمة جدًا، وقد تتضمن بيع وشراء مئات آلاف الأسهم والأوراق المالية الأخرى. وهذا لا يمنع من كون المستثمرين الأفراد أصبحوا يستخدمونه حاليًا ومع الوقت ينتشر بسرعة بينهم.
كيف يعمل التداول الكمي ومن يستخدمه ؟
في كيفية عمل التداول الكمي:
في التداول الكمي يتم الاعتماد على التقنيات الرقمية المطورة، والاستفادة من قواعد البيانات والرياضيات معًا لبناء الخطط الاستثمارية وصنع القرار بعقلانية في التداول. حيث يأخذ المتداولون الكميون تقنية تداول مخصصة ويقومون بتصميم نموذج رياضي لها، وعلى إثره يطورون تطبيقًا حاسوبيًا لتطبيقه على البيانات التاريخية للسوق. بعد ذلك تأتي خطوة تقييم هذا النموذج وتحسينه بأثر رجعي، وإذا كانت النتائج جيدة الأداء يتم تنفيذه كنظام في السوق برأس مال حقيقي.
من يستخدمه؟
إذن فــ التداول الكمي يعتمد بصورة كبيرة على البيانات التاريخية للأسواق؛ ويتم استخدام أدوات التداول الكمي على نطاق واسع من قبل بعض صناديق التحوط، وشركات التداول عالي التردد (HFT)، ومنصات التداول الخوارزمي، وأقسام المراجحة الإحصائية. من الممكن أن تتضمن التقنيات تنفيذ أوامر بسرعة فائقة، وعادةً ما يكون لها تبعات استثمارية قصيرة الأجل.
عناصر التداول الكمي الأساسية:
1. جمع وتحليل المعلومات:
أساس التداول الكمي هو جمع البيانات تراكميًا، حيث يقوم المتداولون بإنشاء مجموعات ضخمة للبيانات المجمعة، من حجم التداول إلى الأسعار تاريخيًا بما في ذلك المؤشرات الأخرى، مثل: التقارير الإخبارية، مشاعر وتدوينات الأشخاص على وسائل التواصل الإجتماعي، وغيرها التي من الممكن أن تسترعي حركة في أسعار السوق، هنا يؤدي دمج البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي إلى تعزيز القدرة على تحليل البيانات غير المنظمة التي تم جمعها.
2. معالجة البيانات في وقتها الحقيقي:
تعتبر معالجة البيانات في الوقت الحقيقي أمرًا بالغ الأهمية لاقتناص الفرص السوقية العابرة وضبط الاستراتيجيات بشكل سريع، حيث تتيح التقنيات المتقدمة للمتداولين الوصول إلى البيانات ومعالجتها في الوقت الفعلي، مما يمكنهم من صنع استراتيجية لاتخاذ قرارات وتنفيذ صفقات في الوقت المناسب.
3. مصادر البيانات:
تتراوح مصادر جمع المعلومات بين البيانات المالية التقليدية ومخططات السوق، وبيانات غير تقليدية، مثل: صور الأقمار الصناعية وبيانات تحديد الموقع الجغرافي؛ يستخدم المتداولون واجهات برمجة التطبيقات (APIs) وموفري البيانات لتزويد خوارزمياتهم بهذه المعلومات لأغراض التحليل الكمي.
4. النمذجة الرياضية:
لبّ استراتيجيات التداول الكمي هو النماذج الرياضية، إذ أن هذه النماذج تستخدم تقنيات إحصائية لتوقع تحركات السوق وإيجاد احتمالية الفرص المربحة، ومن النماذج الدارجة المستخدمة في هذا الإطار: تحليل الانحدار، والتعلم الآلي، والحسابات العشوائية لتعديل الاستراتيجيات.
5. التحليلات التنبؤية:
تستطيع خوارزميات التعلم الآلي في النمذجة الحسابية تخصيص الأنماط الدقيقة في البيانات التاريخية، مما يوفر رؤى يُبنى عليها حول الاتجاهات المستقبلية المحتملة، باستخدام بيانات جديدة يتم تحديث هذه النماذج باستمرار لتحسين دقتها التنبؤية.
6. تطوير الخوارزميات:
يقوم المتداولون بتطوير خوارزميات تنفذ الصفقات تلقائيًا بناءً على معايير محددة مسبقًا، هذا يقلل من الأخطاء البشرية ويعزز كفاءة التداول الكمي، تُختبر هذه الخوارزميات بتوسع باستخدام تقنيات الاختبار بأثر رجعي لضمان أدائها الجيد في ظروف السوق المختلفة.
مزايا وعيوب التداول الكمي:
الهدف من التداول هو حساب تنفيذ صفقات باحتمالية عالية للربح وفق معلومات مخصصة، إذ أن زيادة المعلومات عن الحدّ تصبح عسيرة في التداول التقليدي، وتحدّ من اتخاذ قرارت بشأنها؛ لذا فــ التداول الكمي يتميز بعدة أمور ويعاب عليه في بعض آخر، وهي:
المزايا | العيوب |
أجهزة الكمبيوتر ومعادلات الرياضيات لا تمتلك مشاعر، لذا تقضي النماذج الكمية على الانحياز العاطفي، هذا يسمح باتخاذ قرارات موضوعية ومبنية على البيانات تكون متسقة وقابلة للتكرار؛ وتساعد المتداولين على تجنب العثرات النفسية الشائعة مثل الخوف والطمع. | يقوم العديد من المتداولين الكميين بتطوير نماذج تحقق أرباحًا مؤقتة بناءً على ظروف السوق التي أُنشئت لها، لكنها تفشل في النهاية مع تغير هذه الظروف؛ لذا يجب أن تكون نماذج التداول الكمي بنفس الدرجة من التكيف والتغيير لتحقيق النجاح المستمر. |
تساعد تقنيات التداول الكمي في تجاوز حدّ كمية البيانات المسموحة في التداول الكلاسيكي، وذلك باستخدام أجهزة الكمبيوتر لأتمتة عمليات المراقبة والتحليل واتخاذ قرارات التداول. | أحد العيوب اعتماد نجاح الاستراتيجيات الكمية بشكل كبير على جودة ودقة البيانات، يمكن أن تؤدي البيانات السيئة إلى استنتاجات غير صحيحة، وبالتالي صفقات خاطئة تؤدي إلى خسائر. |
يمكن توسيع الاستراتيجيات الكمية ببساطة، ويمكن للخوارزميات معالجة كميات ضخمة من البيانات وتنفيذ الصفقات عبر أسواق متعددة في نفس الوقت، يسمح ذلك للمتداولين بإدارة محافظ كبيرة دون زيادة في التعقيد. | من عيوبه أنه يتطلب تطوير وصيانة النماذج الكمية موارد كبيرة، بما في ذلك الخبرة الفنية والقوة الحاسوبية؛ يتطلب بناء نظام تداول كمي ناجح استثمارًا كبيرًا في البنية التحتية والموارد البشرية. |
تنفذ أنظمة التداول الآلي الصفقات بسرعة ودقة، مما يسمح بالاستفادة من الفرص السوقية في الوقت الفعلي، ويمكن لخوارزميات التداول عالية التردد تنفيذ الآلاف من الصفقات في الثانية، مما يلتقط الأرباح من الفروق السعرية الصغيرة. | يمكن أن يؤدي الإفراط في تكييف النماذج مع البيانات التاريخية إلى أداء ضعيف في الأسواق الحيّة خاصّة إذا لم تتكيف النماذج بشكل جيد مع الظروف الحالية للسوق. |
استراتيجيات التداول الكمي الأشهر:
يقدم التداول الكمي مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات التي تتناسب مع ظروف السوق المختلفة والأهداف الاستثمارية. فيما يلي بعض من أشهر الاستراتيجيات:
الأرباح الإحصائية:
تتضمن الأرباح الإحصائية تحديد عدم كفاءة الأسعار بين الأوراق المالية ذات الصلة واستغلال هذه التباينات لتحقيق الربح، تعتمد هذه الاستراتيجية دائمًا على النماذج الإحصائية المعقدة لاكتشاف التسعير غير الدقيق.
المتطلبات الحسابية:
غالبًا ما تتطلب هذه الاستراتيجية قوة حسابية كبيرة والوصول إلى مجموعات بيانات ضخمة، مما يجعلها شائعة بين صناديق التحوط والمتداولين المؤسسين.
العودة إلى المتوسط:
تستند إلى مفهوم أن الأسعار تميل إلى العودة إلى متوسطاتها التاريخية بمرور الوقت، يحدد المتداولون الأوراق المالية التي انحرفت عن قيمها المتوسطة ويتوقعون العودة إلى المتوسط.
ظروف السوق:
هذه الاستراتيجية فعّالة في الأسواق التي توجد فيها نطاقات تداول معروفة حيث تتقلب الأسعار حول قيمة مركزية، غالبًا ما يتم تطبيق العودة إلى المتوسط في أسواق العملات الأجنبية والسلع، حيث تكون الأنماط الدورية شائعة.
مؤشرات الاتجاه:
يتم استخدام مؤشرات مثل "مؤشر تقارب وتباعد المتوسط المتحرك" (MACD) ومؤشر القوة النسبية (RSI) لتحديد إشارات الزخم، تساعد هذه الأدوات المتداولين في قياس قوة الاتجاه وتحديد النقاط الهامّة للدخول والخروج.
التداول الزخم:
تداول الزخم يهدف إلى الاستفادة من استمرار الاتجاهات القوية الحالية، يشتري المتداولون الأوراق المالية التي تتجه صعودًا ويبيعون تلك التي تتجه هبوطًا، بالاعتماد على الاعتقاد بأن الاتجاهات تستمر بمرور الوقت.
لماذا يكتسب التداول الكمي شعبية؟
في بداية الأمر، كان ذلك مقتصرًا على المستثمرين المؤسسين أو أصحاب الشركات الكبرى، ولكن التقدم التقني ومنصات التداول عبر الإنترنت جعلت التداول الكمي ميسر الوصول إلى المتداولين الأفراد؛ من هنا اكتسب التداول الكمي شعبية هائلة بفضل قدرته على الاستفادة من القوة الحاسوبية والخوارزميات المتقدمة لتقييم واستغلال الفرص السوقية.
نصائح قبل البدء في التداول الكمي:
- التداول الكمي ليس تداولًا عشوائيًا أبدًا، فهو يتطلب إتقانًا عميقًا لطرائق الإحصاء والرياضيات والبرمجة، وهو ليس تداولًا يمكن ممارسته بعد قراءة بعض الكتب، لذا يجب أن تكون حريصًا قبل التداول فيه.
- لتصبح متداولًا كميًا فعليًا ستحتاج للكثير من الجهد والوقت والمال للتعلم بشكل رسمي، أو تحصيل شهادة مهنية فيه أو من خلال الدراسة الذاتية المعمقة.
- يتطلب التداول الكمي منظومة تقنية ضخمة وبنية تحتية لأنظمة التداول تكون أسعارها مرتفعة غالبًا، لذا عليك توفير رأس مال كبير قبل البدء فيه.
- إذا كنت بحاجة للتعرف أكثر على التداول الكمي وتريد انتهاجه والاستثمار فيه يمكنك البحث عبر الانترنت حول دورات متخصصة في هذا الموضوع لتكون وسيلتك للحصول على مقدمة عن المجال.
ختامًا:
كما أسلفنا فـ التداول الكمي شيّق لمن يمتهنه ومثير للفضول لمن يبحث عن طرائق أفضل للاستثمار والتداول، إنما يحتاج إلى دقّة كبيرة فهو متخصص جدًا وحتى الخبراء في مجال التداول لا يمكنهم التعامل معه هكذا ببساطة وبدون أدوات أو إمكانيات مالية وتعليم كافي للخوض فيه؛ لأنه يتطلب معدات وأنظمة حاسوب متطورة تقنيًا للتعامل مع كمية المعلومات المدخلة والبيانات التي يتم فحصها تاريخيًا كما تعرّفنا؛ هذا لا ينفي قوة التداول الكمي بالتأكيد وطرائقه التي تختصر الوقت واستراتيجياته العديدة في سوق التداول. من المهم لك كمتداول دراسة أي خيار والتأكد منه قبل أن تقرر استخدامه لتجنب أي خسائر غير متوقعة. في بروكر عرب نرجو لك تداولًا أفضل.