يريد الكثيرون خوض غمار تجربة التداول لكن معظمهم يخشون كسب ربح غير مشروع، فيبحثون نتيجة لذلك عن حقيقة التداول حلال ام حرام من وجهة نظر رجال الدين وفقهائه، وهل يعد التداول حرام كما أشيع عنه؟ وما أسباب تحريمه إن كان حرامًا؟ كلها أسئلة هامة تحير المستثمر المسلم، وتجعله يفكر ألف مرة قبل إقدامه على فتح حساب في منصة تداول، وحتى نقطع الشك باليقين رأينا من المناسب أن نعرض لكم آراء الفقهاء الذين يشتهرون بالمصداقية والاستناد في فتواهم على كتاب الله وسنة ورسوله.
مجال التداول حلال ام حرام (دار الإفتاء المصرية):
بالنسبة لدار الإفتاء المصرية فقد كانت من الجهات التي عارضت استثمار المسلمين في الفوركس، وأقرت أن التداول حرام كونه تحيط به كثير من المحظورات التي نهى عنها الدين في التجارة، وهو ما اتفق معها فيه مجمع الفقه الإسلامي الدولي بمدينة جدة، وهذا الرأي كان منذ سنوات عدة، وإلى الآن لم يتغير وظلت تلك الفتوى ثابتة، وفيما يلي نص الفتوى.
أما فيما يخص المضاربة اليومية في البورصة فهو موضوع آخر سأل عنه أحد القراء حيث ذكر أنه يقوم بشراء الأسهم بماله الخاص، ثم يحتفظ بها في محفظته الإلكترونية ليقوم ببيعها بعد زمن قصير عندما يرتفع سعرها، وأنه يلجأ إلى تحليل سوق الأسهم ويدرسه جيدًا قبل اتخاذ قرار البيع أو الشراء، وأنه يبتعد تمامًا عن المضاربة بنظام المارجن، ولا يستثمر في العقود الآجلة فهل ما يفعله في مجال التداول حلال ام حرام بالكيفية سابقة الذكر؟
فكان رد الأستاذ الدكتور/ شوقي إبراهيم علام بأن المضاربة بنفس الخطوات التي ذكرها السائل يعد شرعيًا طالما ابتعد عن كل المحظورات التي ذكر أنه لا يطبقها في التداول، وطالما لم يؤثر بشكل أو بآخر على حدوث أي تلاعب أو غش في سوق البورصة، فإن هذا النشاط حلال والله أعلم، يمكنك النقر هنا للاطلاع على الفتوى كاملة، وفيما يلي صورة من نص الفتوى:
ماهو التداول الحلال:
أجمع رجال الدين أن إجابة سؤال ماحكم التداول يكمن في ضوابط شرعية اتفق عليها جميع فقهاء عصرنا الحديث، وحتى لا يدرج التداول ضمن أنواع المقامرة لابد من توافر الشروط الآتي:
- أن تتم عملية شراء الأسهم أو العملات من المال الحر للمستثمر، والأ يكون مقترض منه شيء سواء من بنك أو من أي جهة أخرى.
- يشترط أن تكون أسهم التداول تخص شركة تعمل في مجال مشروع بعيدًا عن أي شبهات، فلا يكون لها نشاط من قريب أو بعيد بالمقامرة، أو الخمور، أو البيوت المشبوهة، أو الأنشطة التجارية المحظورة.
- يرى بعض الفقهاء أن الأسهم والعملات الرقمية مشكوك في صحة التداول بها كونها أشياء غير ملموسة، والأصل أن يبيع المرء ما يملكه، بينما البعض الآخر عارض هذا الحكم بأن قال أن تلك الأسهم دفع ثمنها المشتري، وتقاضي ثمنها البائع، وطالما تمت عملية البيع في نفس اللحظة وأخذ كل منهما ما يخصه فإن الأمر تم في إطار شرعي.
- يشترط أيضًا أن يخلو الربح من هذه الصفقات من أي فوائد ربوية، وألا يتم دفع رسوم تبييت، من قِبل المستثمر للمنصة.
- كما يجب أن تخلو صفقات التداول من استخدام الرافعة المالية، كونها تعرض مال المستثمر للمخاطرة وهو ما لا يقبله الدين.
- يجب ألا يستثمر المسلم فيما يعرف بالعقود الآجلة، فمثل تلك الصفقات تعد وهمية، حيث لا يبيع الشخص ما يملكه، ولا يشتري الآخر شيئًا بالفعل، مما ينفي وجود أهم شروط شرعية الصفقة وهي إتمام عملية البيع والشراء في نفس اللحظة، فيحصل كل من الطرفين على ما يخصه من الصفقة.
هل التداول حرام إسلام ويب:
أرسل أحد قراء الموقع الشهير إسلام ويب استفسار هام إلى شيوخ الموقع أتى فيه أنه قام بفتح حساب إسلامي في منصة شهيرة، وأنه يعمل فيه وفق ضوابط الشريعة حتى يكون مكسبه حلالًا طيبًا، وأنه يتداول في مجال الأسهم والعملات الرقمية ويبتعد عن الفضة والذهب، فهل ربحه يقبله الدين أم أنه حرام لا قدر الله.
فكان رد الشيخ أطال الله عمره أن التداول لن يكون حرامًا طالما توفرت فيه معايير معينة تضمن شرعية الاستثمار، وحذره فضيلة الشيخ من ضرورة التحقق من شرعية هذا التداول، إذ أن كثير من المنصات توفر حسابات إسلامية في الظاهر، والحقيقة أن بعض أنشطتها غير مشروعة بالمرة لعدم توافر المعايير الشرعية، ونص الفتوى كان كالتالي:
هل التداول حرام أم حلال الشيخ ابن عثيمين؟
الشيخ بن عثيمين كان له رأي شهير أيضًا فيما يخص موضوع التداول حرام ام حلال فأحد القراء ذكر أنه حصل على بونص قيمته 50 دولار من شركة تداول معينة، وكان الشرط أن يقوم بالتداول مستخدمًا هذا البونص فحصل على أرباح قدرها 600 دولار بنظام الفوائد، لكن عندما علم أن المكسب غير جائز شرعًا تنازل فورًا عن البونص فكان أن اختصمت الشركة منه قيمة البونص ومقدار 600 دولار، وتبقى له 500 دولار فكأن يسأل كيف له أن يطهر ماله من أي شبهة محرمة لحقت به.
فكان رد الشيخ بن عثيمين عليه أنه إن لم يكن يعرف بحرمانية ذلك فله كل ما حصل عليه من مال، أما إن كان عالمًا فعليه أن يتخلص من الربا بأن يخرج هذا المال على هيئة صدقة، والله غفور رحيم على ألا يعيد الكرة مرة أخرى، ولرؤية الفتوى انقر هنا، ويمكنك رؤيتها في الصورة التوضيحية التالية:
هل التداول حلال ام حرام السيستاني:
اتفق علماء المذهب الشيعي مع فقهاء المذهب السني على عدة محاور تبرز متى يكون التعامل مع منصات التداول حلال أم حرام والدليل على ذلك ما ورد عن الشيخ السيستاني الذي ورده كثير من الأسئلة عن المضاربة في البورصة، وأحكام الحصول على مكسب من المضاربة،، وفيما يلي صورة من الأسئلة وإجابة الشيخ عنها:
هل التداول حرام ام حلال عثمان الخميس:
حسب عثمان الخميس في فيديو على يوتيوب فإن التداول فيما هو حلال يعتبر حلال أما التداول في الحرام فهو حرام وهذا بشكل عام لكن في التفاصيل المرتبطة بالمنصات والشركات يجب أن يتم مراعات التفاصيل:
هل التداول حلال ام حرام حسب ابن باز:
حسب موقع إبن باز فلقد تمت الإجابة على سؤال يتعلق بالتداول في الأسهم التجارية وشرائها, وهل تعبتر حلال أم حرام,وأيضا تم السؤال عن التداول مع البنوك, وتجد الجواب مبين في الصورة أسفله من الموقع الرسمي للشيخ إبن باز:
كيف يوازن المسلم بين الاستثمار الشرعي والربح المادي؟
يريد الكثيرون الفصل بين الدين والعمل، ويرون أن الدين شيء والعمل شيء آخر وأنه لا علاقة تربط بينهما، وأنصار هذه الفكرة يريدون أن يحللوا رزقًا أقر ديننا الحنيف بحرمانيته، مثل التعامل بفائدة ربوية، أو الحصول على مكسب سريع من نشاط مشبوه، وهذه الفكرة خاطئة تمامًا، فالدين الإسلامي أتى ليكون نورًا لنا.
ومن عارض تلك الفكرة يريد معرفة كيف يفصل بين المكسب الحلال والمكسب الحرام الذين يفصل بينهما في التداول فارق يشبه الخط الرفيع الغير مرئي، وحتى يستطيع المستثمر المسلم الموازنة بين الاستثمار بطريقة شرعية والحصول على ربح مادي يقبله الدين لابد له من تطبيق الآتي:
- راعي الاستثمار في أنشطة لا تحيط بها شبهات.
- اسأل عن الأنشطة التجارية التي تعمل بها الشركة التي تريد شراء أسهمها.
- احرص على عدم التداول بنظام Margin Trading ولا التداول بنظام العقود الآجلة.
- شارك في الاستثمارات المبنية على أسس شرعية مثل الصناديق الإسلامية، أو التداول في أسهم بنوك إسلامية بدون فوائد.
- لا تقامر على مكسب غير مضمون، وهذا يعني ألا تندفع خلف رغبتك بالتداول بمبلغ كبير حتى لا تتعرض للخسارة.
- احرص على التأكد من سرعة المنصة في إتمام صفقة البيع والشراء بسرعة لحظية، وألا يحدث تأجيل في أي بند من بنود الصفقة حتى لا يكون المكسب مشبوه.
- ابتعد نهائيًا عن خاصية Short Selling أو البيع على المكشوف القائم على مكسب مضاعف من فوائد ربوية.
- اتبع تعاليم الله فيما يخص التجارة وكذلك تعاليم رسولنا الكريم، فالمسلم عليه أن يطبق معايير الشفافية والعدل والمصداقية والربح الحلال في أي نشاط تجاري يقوم به حتى يكون ربحه حلال.
- اصبر ولا تتعجل الرزق، فكلما كان الاستثمار الذي تشارك فيه طويل الأمد كلما كان المكسب حلال، عن الصفقات قصيرة الأمد سريعة الربح.
الخاتمة:
مما سبق يتضح لنا أن موضوع التداول حلال ام حرام (حسب علماء الدين) من المواضيع الشائكة، والتي لم يبت في شأنها حتى الآن برأي معين، فالبعض أجازه طالما اشتملت صفقات التداول على معايير الشرع في الاستثمار، والبعض حرمه جملةً وتفصيلًا بسبب ما يحيطه من شبهات لابد أن تطول المكسب ولو بعد حين.