هل سمعت مصطلح مؤشر الفيوتشر أو مؤشر العقود الآجلة من قبل؟ وهل تساءلت عن معناه ولماذا يتكرر ذكره كثيرًا في عالم التداول؟ هذا لأنّه أداة محورية تُوضح كيفية رؤية المتداولين والمستثمرين لمستقبل السوق واتجاهه، وهو ما يُعطي المتداولين -وخصوصًا المبتدئين منهم- فرصة لفهم السوق بشكل شامل واتخاذ قرارات ذكية تقودهم إلى النجاح.
لذلك، إذا كنت تُفكر بالدخول إلى عالم التداول أو إذا كنت متداولًا مبتدئًا، نُقدم لك هذا المقال المتخصص لاكتشاف ما هو مؤشر الفيوتشر في عالم التداول، حيث نُوضح كيف يُمكن استخدام العقود الآجلة كمؤشر للتداول لمساعدتك على اتخاذ قرارات مستنيرة في عالم التداول.
ما هو مؤشر الفيوتشر؟
بدايةً، الفيوتشر أو العقود الآجلة (بالإنجليزية: Futures) هي أدوات مالية تُتيح للمتداولين تداول -شراء أو بيع- أصول مالية مثل الأسهم، والذهب، والفوركس، والعملات الرقمية، وغيرها بأسعار متفق عليها مسبقًا، على أن يتم تسليمها في وقت لاحق في المستقبل، ومن هنا جاءت تسميتها. وباختصار، هي اتفاقيات مالية تُلزم الأطراف المتفقة بشراء أو بيع الأصل في التاريخ المحدد وبالسعر المحدد مهما كان سعر السوق عند تسليمها. تُستخدم العقود الآجلة لحماية المستثمرين من تقلبات الأسعار المتوقعة.
أما مؤشر الفيوتشر أو مؤشر العقود الاجله (بالإنجليزية: Futures Index) فهو مؤشر يقيس أداء هذه العقود الآجلة، ويُستخدم لتقديم فهم شامل لأداء الأصول على مدى فترة زمنية محددة، ولذلك يُعد مفيدًا للمتداولين والمستثمرين لتحليل وفهم اتجاهات السوق المالي، وتوقعات الأسعار المستقبلية، حتى يتمكنوا من اتخاذ قرارات ذكية مستندة إلى التوقعات الدقيقة بشأن الاتجاهات والأسعار. ويُمكن أن يشمل مؤشر العقود الآجلة مجموعة متنوعة من المعلومات، مثل السعر الحالي للعقود الآجلة، وحجم التداول، والتغير في القيمة، ومعلومات أخرى ذات صلة.
كيف يعمل مؤشر الفيوتشر (العقود الآجلة)؟
يستخدم الكثير من المتداولين والمستثمرين مؤشر الفيوتشر كأداة لتتبع أداء العقود الآجلة أو الاتفاقيات لفترة زمنية مستقبلية محددة، حيث يعتمد على متوسط أسعار العقود الآجلة للأصول المحددة في الوقت الحالي أو خلال الفترة المحددة لتقديم رؤية شاملة حول توقعات اتجاه السوق المستقبلي. ويُمكن توضيح كيفية عمله في النقاط الآتية:
متابعة العقود الآجلة للمؤشر الرئيسي
يتم اختيار مؤشر الفيوتشر رئيسي يعكس أداء السوق الذي ترغب في التداول فيه، ومن الأمثلة على المؤشر الذي يُمكن اختياره لتتبع العقود الآجلة ما يأتي:
- مؤشر Dow Jones Industrial Average (DJIA): يُستخدم لتقديم لمحة عن أداء الاقتصاد الأمريكي ككل فهو يقيس أداء أكبر 30 شركة صناعية في الولايات المتحدة.
- مؤشر Nasdaq Composite: يُستخدم كمؤشر لصحة وتوجهات قطاع التكنولوجيا، فهو يتبع أداء الشركات المدرجة في بورصة ناسداك، ويشمل الشركات التكنولوجية والصناعات الأخرى.
- مؤشر Russell 2000: يُستخدم لتقديم لمحة عن أداء الشركات الصغيرة والمتوسطة، فهو يتبع أداء أصغر 2000 شركة مدرجة في بورصة نيويورك.
- مؤشر VIX (Volatility Index): يُعرف أيضًا بمؤشر الخوف، حيث يقيس تقلبات وتوتر السوق والتوتر، ويُستخدم كمؤشر لمدى الاستقرار في الأسواق.
- مؤشر FTSE 100: يُستخدم لتقديم لمحة عن أداء السوق البريطاني، فهو يتبع أداء أكبر 100 شركة في بورصة لندن.
تحليل اتجاهات العقود الآجلة
يتم تحليل اتجاهات العقود الآجلة في مؤشر الفيوتشر عن طريق تحليل أسعارها لمتابعة كيفية تطور العقود الآجلة وتغيّر سعرها مقارنة بالأسعار الحالية، وهو ما يُوفر فهمًا شاملًا حول كيفية رؤية المتداولين لمستقبل أسعار الأصل المتداول، حيث يُشير ارتفاع سعر العقود الآجلة عادةً إلى توقعات إيجابية تُشير إلى اتجاه صاعد محتمل، ويُشير انخفاضها إلى توقعات سلبية تُشير إلى اتجاه هابط محتمل.
مراقبة الفارق بين سعر العقود الآجلة وسعر الأصل الفعلي
من أهم ما يجب القيام به لاستخدام مؤشر الفيوتشر كمؤشر للتداول هو مقارنة سعر العقود الآجلة مع سعر الأصل الفعلي، حيث يُمكن أن يظهر فارق في الأسعار نتيجة لعدة عوامل، مثل توقعات المستثمرين المختلفة. ويكون تحليل هذا الفارق مهمًا لأنّه يوفر فهمًا لتوقعات السوق وفرص التداول المحتملة. ويُمكن شرح الإشارات القيّمة التي يُقدمها الفارق كما يأتي:
- فارق كبير: يُشير وجود فارق كبير بين إلى توقعات غير متناسقة بين المستثمرين عن اتجاه السوق، وقد يكون هذا نتيجة لتغيرات اقتصادية مفاجئة.
يُمكن للمتداولين استغلال هذا الفارق لتحقيق ربح، فإذا كان الفارق كبيرًا بحيث أنّ العقود الآجلة سعرها مرتفع والأصل سعره منخفض، يُمكنهم بيع العقد الآجل بسعره المرتفع، وشراء الأصل بسعره الفعلي المنخفض.
وفي بعض الأحيان، يمكن أن يُشير الفارق الكبير إلى احتمالية حدوث تصحيح أو انعكاس في الأسعار حتى يتوازن سعر العقود الآجلة مع سعر الأصل الفعلي.
- فارق قليل: يُشير وجود فارق قليل إلى استقرار في توقعات المستثمرين عن السوق، وقد يكون ذلك نتيجة لظروف اقتصادية مستقرة، وتوقعات واضحة.
يكون التداول أكثر هدوءًا، وعادةً ما يعتمد المستثمرون في هذه الحالة على الأخبار والأحداث الحالية في اتخاذ قراراتهم أكثر من اعتمادهم على مؤشر الفيوتشر.
تحليل حجم التداول
من المهم مراقبة حجم التداول في العقود الآجلة، إذ يُمكن أن يُعطي إشارات حول قوة الاتجاه الذي تم الحصول عليه من تحليل الاتجاهات، فزيادة حجم تداول العقود الآجلة يُمكن أن تُؤكد اتجاه السوق، في حين يُشير انخفاضه إلى تردد في حركة الاتجاه أو عدم يقين فيها.
تحليل الأخبار والأحداث الاقتصادية
للتأكد من فاعلية مؤشر الفيوتشر، لا بد من متابعة الأخبار والأحداث الاقتصادية التي تُؤثر على السوق، مثل أخبار التضخم، وسياسات الفائدة، والأحداث العالمية ذات التأثير على الاقتصاد. إذ يُمكن أن تُؤثر الأخبار الاقتصادية والسياسية على حركة العقود الآجلة بشكل كبير، فمثلًا زيادة التضخم قد تُؤدي إلى زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن.
التحليل الفني:
يتم الاعتماد على المؤشرات الفنية مثل المتوسطات المتحركة، ومؤشر القوة النسبية وغيرها الكثير من المؤشرات للقيام بتحليل فني للعقود الآجلة يُمكن أن يساعد في تأكيد الاتجاهات، وتوقع التغيرات في السوق.
في الختام
لا بد أنّك تدرك الآن أهميّة مؤشر الفيوتشر، حيث يمتلك قدرة استثنائية على توفير توجيهات وتوقعات دقيقة لأداء الأصول في المستقبل، فهو يُوضح كيفية رؤية المتداولين والمستثمرين من أصحاب العقود الآجلة لمستقبل السوق، وهو ما يُمكّن المتداولين من اتخاذ قرارات أكثر تميزًا وفهمًا. كما يُعتبر هذا المؤشر جزءًا لا يتجزأ من علم التحليل المالي الحديث، ويُشكل جسرًا بين الحاضر والمستقبل في عالم التداول.